الأخبار

مخترع “الكيمياء الشبكية” لحماية الأرض.. عمر ياغي يتحدث إلى “النهار” بعد فوزه بجائزة “نوابغ العرب”

06-01-2025

عاش الطفل الفلسطيني الأردني عمر ياغي تجربة اللجوء القسري، إذ ولد في منزل صغير في مدينة عمان كانت مقومات الحياة فيه صعبة نوعاً ما، خصوصاً عدم القدرة على الوصول إلى مياه نظيفة، ما كان يؤدي إلى إصابة عائلته وجيرانها بأمراض جرثومية، الأمر الذي وجهه لاحقاً إلى التخصص في مجال الكيمياء، وتحديداً "الكيمياء الشبكية" التي تنسج الكتل البنائية الجزيئية لإنتاج أطر مفتوحة، يمكن توظيفها في ابتكارات الرعاية الصحية والطاقة المتجددة وتوليد فوائد اقتصادية وبيئية عديدة.

إنجازاته العلمية المتقدمة أوصلته إلى الفوز بجوائز عالمية، آخرها جائزة "نوابغ العرب" التي أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم منحها للعالم الأردني عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس".
"تشبه الكيمياء الشبكية بناء الأشياء باستخدام وحدات بناء صغيرة على المستوى الجزيئي. تخيل أنك تستخدم قطع الليغو لبناء شيء دقيق للغاية ومفصل، ولكن على المستوى الذري، قطع الليغو في هذه الحالة هي عبارة عن جزيئات ترتبط بروابط كيميائية قوية لتشكل هياكل كبيرة جيدة التنظيم تسمى الأطر"، يقول البروفيسور عمر ياغي لـ"النهار".

"الكيمياء الشبكية"
الميزة الخاصة لهذه الأطر هي مساميتها، إذ تحتوي على الكثير من المساحات الفارغة الصغيرة في داخلها. تجعل هذه المساحات المادة خفيفة للغاية وقادرة على الاحتفاظ بأشياء مثل الغازات أو الماء أو المواد الكيميائية، أو احتجازها، أو حتى تصفيتها. يوضح ياغي المسألة بمثال: "إذا قمت بفتح كل المساحات الصغيرة داخل غرام واحد فقط من إحدى هذه المواد، فإن مساحة السطح يمكن أن تغطي ملعب كرة قدم بأكمله، وهذا يجعلها مفيدة بشكل لا يصدق لتخزين الغازات مثل الهيدروجين، أو تنظيف الهواء، أو توصيل الأدوية بكفاءة".
بيئة نظيفة ومتوازنة
ويشرح ياغي: "تكمن أهمية الكيمياء الشبكية في مجالات علمية عديدة، لكن فوائدها الأبرز تنعكس في خلق بيئة نظيفة ومتوازنة لجهة إنتاج الهواء النظيف عبر التقاط ثاني أكسيد الكربون (CO₂) ويمكن للمواد المصنوعة من خلال الكيمياء الشبكية، مثل الأطر المعدنية العضوية (MOFs)، احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أو الانبعاثات الصناعية، ما يساعد على تقليل غازات الدفيئة، ناهيك بإزالة ملوثات الهواء عبر تصفية المواد الكيميائية الضارة مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) أو أكسيد النيتروجين (NOx) من الهواء من خلال هذه المواد المسامية، ما يحسن جودة الهواء".
السعي إلى خلق بيئة نظيفة هو المسألة الأكثر أهمية اليوم في العالم التي تسعى حكومات دول كبيرة لتطبيقها وعبر تقنية ياغي، إذ يمكن للأطر العضوية المعدنية أن تحلل المواد البلاستيكية إلى مكونات قابلة لإعادة الاستخدام، ما يقلل التلوث الناجم عن المواد غير القابلة للتحلل، وأيضاً تخزين الطاقة لمصادر الطاقة المتجددة لتساعد "الكيمياء الشبكية" على إنشاء مواد لتخزين الطاقة المتجددة، مثل الهيدروجين، ما يجعل مصادر الطاقة النظيفة أكثر عملية وانتشارًا، يتابع ياغي.

يستفيض ياغي في شرح إيجابيات تلك التقنية التي ساهمت في حصوله على العديد من الجوائز: "يمكن لهذه المواد المسامية إزالة المعادن الثقيلة السامّة مثل الرصاص أو الزئبق، أو المواد الكيماوية الضارة مثل المبيدات الحشرية، من إمدادات المياه، كذلك يجري تطوير الأطر العضوية المعدنية لتصفية الملح من مياه البحر، وتوفير المياه العذبة الصالحة للشرب في المناطق ذات الوصول المحدود".

تقنية ياغي ستكون جسراً لتطوير تجارب الشباب في مجال البيئة النظيفة، لأن الحياة على الكوكب الأزرق بسلام ومخاطر مرضية أقل هي شاغل عالمي أساسي ، لذا تعتبر تقنية ياغي أساسية وتحاكي هواجس الشباب وستساعدهم على تطويرها وتطبيقها في مجالاتهم فهي "تمكّن الشباب في البلدان العربية من خلال تعريفهم بالأبحاث في وقت مبكر وتمكينهم من إيجاد حلول للتحديات المناخية. ويمكن للمدارس والجامعات دمجها في المناهج الدراسية، في حين أن التدريب الداخلي والمسابقات العلمية تلهم التعلم العملي. ويمكن للباحثين الشباب تطوير ابتكارات مثل أنظمة تحلية المياه، ومواد احتجاز الكربون، وتقنيات تخزين الطاقة المتجددة لمعالجة القضايا الإقليمية مثل ندرة المياه والتلوث".
إضافة إلى ذلك، فهي تدعم الشركات الناشئة ومراكز الابتكار التي تركز على هذه الحلول، ما يخلق فرص عمل ويعزز الصناعات المستدامة. ومن خلال التواصل مع العلماء العالميين وتسجيل براءات الاختراع لاكتشافاتهم، يمكن للشباب تحويل أفكارهم إلى حلول قابلة للتطوير، وبناء اقتصادات مزدهرة مع معالجة تحديات المناخ.

من هو البروفيسور عمر ياغي؟
والبروفيسور عمر ياغي هو رئيس كرسي "جيمس ونيلتي تريتر" في كلية الكيمياء وأستاذ الكيمياء في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، منذ عام 2012، وهو رائد مجال "الكيمياء الشبكية".
وعمل ياغي مستشاراً لمبادرات دولية متعددة في مجال الطاقة النظيفة، وهو المدير المؤسس لمعهد العلوم العالمي في بيركلي لدعم بناء مراكز الأبحاث وتوفير الفرص للعلماء الشباب في تخصصات الكيمياء الجديدة.

المصدر : النهار

progress icon
Progress icon circle